جذوري في سوريا .. ولكنني أنتمي,,,, الشاعر والناقد والفنان التشكيلي اديب مخزوم ,,حاورته فراشة الاعلام هيام عبيد

بواسطة مجلة الأخلاق الثقافية بتاريخ الجمعة، 15 أغسطس 2014 | 3:23 ص










اسم أشهر من ان يعرف اسم لامع عندما يذكر اسمه فتترائ مجلدات العالم امامك الثقافة والأدب والفن اجتمعا في شخصة الكريمة فكانت ولادة القواميس
تسألة فيجيب بثقة ووضوح دون عناء ترتاح له من أول كلمة فيجعلك تتمنا أن لا
يبقى مسترسلاً من وطن المجد وا
لثقافة والفصاحة والبلاغة من سوريا كان حوارنا معه انه الفنان والناقد والكاتب والصحفي أديب مخزوم أهلاً وسهلاً بك,,,,,
أديب مخزوم لقاء الفن والنقد بالشعر
انتمي لبيروت الحضارة وصحافتها مدرستي
------------------------- حاورته فراشة الاعلام :هيام عبيد-
-
--
****كيف يقدم لنا نفسة الفنان والناقد والكاتب والصحفي أديب مخزوم؟
جذوري في سوريا .. ولكنني أنتمي بكل عواطفي وأحاسيسي ومعطياتي الثقافية والفنية ، ومنذ طفولتي ،الى لبنان الحضارة، والى بيروت ست الدنيا ،وجسر التواصل بين الغرب والشرق ،وعاصمة عواصم الثقافة والإعلام والفن والنقد والتمدن والرقي والانفتاح .
فمنذ أيام حداثتي ، كنت أتابع المجلات والصحف والأقنية التلفزيونية اللبنانية ، وكانت الصحافة اللبنانية مدرسة كبيرة بالنسبة لي ، لأنني اكتسبت منها الكثير من الخبرة المهنية ،على صعيد تطوير النص التحليلي والنقدي.
ومن المفيد الاشارة الى أنني أنهل الى حد الارتواء، من فيض ثقافة وسموأخلاق ونبل تواضع صديقاتي الإعلاميات اللبنانيات ( وخاصة إعلاميات التلفزيون والإذاعة ) وهذا درس للآخرين والأخريات .وبالطبع أنا لا اتجاهل أواتنكرلصديقاتي وأصدقائي المخلصين والموزعين في القارات الخمس ,,,
****كيف كانت بداياتك الفنية التي انطلقت منها الى عالم الفن التشكيلي؟
في منتصف الثمانينات كنت انا في مطلع سن الفتوة ،ولقد كنت سباقا في استيعاب صيحات الفيس بريسلي وفرقة البيتلز .. ولهذا اطلقت شعري, ولبست الشارلستون وتفاعلت مع ايقاعات اغانيهم وهواجسهم واحلامهم الفنية. واذكر انني كنت مرة مع شلة من رفاقي (الخنافس) نتجول في الشوارع المطلة على افق ومدى البحر في مدينتنا طرطوس, وحين وصلنا الى المركز الثقافي القديم, ودخلنا بابه سمعنا صوت مدير المركز يقول: الى اين ايها الخنافس مشيرا بيده الينا, ومنوها ربما عن غير قصد الى اننا نسير على خطى فرقة البيتلز الشهيرة. 
مشاهد كثيرة، تبقى في الذاكرة, رغم كل الاهتزازات الطارئة التي تشل المخيلة وتصيبها بالجمود، نتيجة الاحداث الدامية المتلاحقة دون توقف أوانقطاع، فالذكريات تعمق حنيننا الدائم الى طفولتنا وفتوتنا ومطلع شبابنا ،حين كنا نذهب في احيان كثيرة الى المركز الثقافي القديم بطرطوس وذلك لمتابعة الصحف والمجلات والمعارض والنشاطات التي كانت تهمنا، وبعد ذلك نعود مرة اخرى للتجوال في ساحات وشوارع واسواق مدينتنا الساحلية المكشوفة على رحابة المدى البحري الازرق. 
في تلك الفترة ( مرحلة الثانوية ) شاركت بعدة معارض فنية ، في المركز الثقافي بطرطوس، وكان يشارك معنا الفنان أحمد معلا، الذي اصبح الآن احد أبرز فناني جيلنا .
هكذا نجد بعض الروابط الخفية التي تجمع ما بين اهتماماتي الاولى، واهتماماتي الحالية, حيث كنت اجاهر ومنذ البداية بتمسكي بالاحلام والهواجس الصحافية والتشكيلية والموسيقية والشعرية، التي عرفتها واحببتها في طفولتي وفتوتي ، ولا يزال حبي لها واهتمامي بها يزداد يوماً بعد آخر . 
ولقد خضت غمار تجربة فنية طويلة , ورسمت آلاف اللوحات الزيتية, التي حاولت من خلالها تجسيد تداعيات احلامي, وضمن صياغات متفاوتة بين الواقعية والانطباعية والتعبيرية والتجريدية المشحونة بغنائية اللمسة اللونية العفوية والتلقائية، والتي وصلت في لوحات مرحلتي في نهاية الثمانينات الى اقصى حدود التجريد الانفعالي الحركي، ولهذا نمت في علاقتي بالفن التشكيلي مودة خفية, تجاوزت حدود التعامل مع الريشة والالوان وسطح اللوحة ، وادخلتني ومنذ اكثر من 25 عاما في اطار الكتابة الصحافية عن الفن التشكيلي,,,,

*ما الذي تبحث عنه في الفن التشكيلي؟
**لا بد من الذهاب في اللوحة الفنية الحديثة، أبعد من الظواهر الخارجية، نحو أبعاد جمالية تقطف إيماءات الحالة الداخلية العاطفية، التي تبرز في لمسات اللون العفوي وتساعد على تحقيق الإنفلات، من إطار الرسم التقليدي، الذي يتطلب درجة من الوعي والتركيز والدقة في العمل،.
إلا أن الشيء الأكثر أهمية في الكتابة النقدية العصرية يكمن في الوصول إلى لغة جمالية خاصة، تعمل على رفد وتغذية الثقافة البصرية برؤى تشكيلية متطورة ومعاصرة ،تحمل المستجدات الثقافية اليومية، وتهتم بمسألة أساسية، وهي التماهي مع لغة العين والوصول إلى الضفاف الإبداعية التي تحرك وبقوة الانطباعات المقروءة في العمل الفني عبر الكشف عما يثير ويحرض الفنان والمتلقي معاً، وهذا لا يتم إلا من خلال إيجاد لغة نقدية تحليلية، تعطي الفنان فرادة وشاعرية وأسلوبية متجددة ومنفتحة على ثقافة فنون العصر,
****إلى أي مدرسة فنية تنتمي؟
لقد خضت غمار تجربة طويلة في الرسم، تمتد الى طفولتي الأولى، ولقد كانت مشاعر الإحساس بجمالية اللوحة الفنية التشكيلية، تدفعني وباستمرار نحو اختبار قدراتي في الرسم والتلوين، حيث أنجزت مئات اللوحات الكبيرة (زيت واكريليك على قماش) وتدرجت في صياغاتها من الرسم الواقعي، إلى أقصى حالات التجريد اللوني الانفعالي مروراً بكل الاتجاهات الفنية المعروفة. الا انني استقريت في مراحلي الأخيرة على التعبيرية المبسطة ، وموضوعي المفضل امرأة على خلفية لونية تجريدية ، وسأنوع في مواضيعي القادمة ، وخاصة سأستعيد شيئاً مما ترسخ في ذاكرتي من ايقاعات حية قادمة من تأملاتي الطفولية للقوارب الخشبية التقليدية المألوفة على شاطيء البحر في مدينتي طرطوس,,,,
.
****كيف تتعامل مع النقد؟
لا بد من الذهاب في النص النقدي التحليلي الحديث، أبعد من الظواهر الخارجية، نحو أبعاد جمالية تقطف إيماءات الحالة الداخلية العاطفية، التي تبرز في لمسات اللون العفوي وتساعد على تحقيق الإنفلات، من إطار الرسم التقليدي الذي يتطلب درجة من الوعي والتركيز والدقة في العمل.
إلا أن الشيء الأكثر أهمية في الكتابة النقدية العصرية هو الوصول إلى لغة تحليلية خاصة، تعمل على رفد وتغذية الثقافة البصرية برؤى كتابية متطورة ومعاصرة تحمل المستجدات الثقافية اليومية، وتهتم بمسألة أساسية، وهي التماهي مع لغة العين، والوصول إلى الضفاف الإبداعية التي تحرك وبقوة الانطباعات المقروءة في العمل الفني عبر الكشف عما يثير ويحرض الفنان والمتلقي معاً، وهذا لا يتم إلا من خلال إيجاد لغة نقدية تحليلية تعطي الناقد فرادة وشاعرية وأسلوبية متجددة ومنفتحة على ثقافة فنون العصر.,,,
****اول ديوان لك ,ماهو؟
انا في الاساس فنان وناقد تشكيلي ، يكتب النقد بلغة نثرية شعرية انسيابية .. ومجموعتي الشعرية الأولى حملت عنوان ( أحبك اكثرفي سواد الزمن الاتي ) وعملت فيها على مقاربة التشكيل والنقد بالشعر .. وفي مقدمتها أقول : بين التشكيل والشعر والموسيقا علاقة متبادلة ومتداخلة ...
تتحــــول اللوحة الفــنية التشكيلية فـي قراءاتـي النقــدية المعـــاصرة ،إلــى أجـــزاء لمقــاطــعَ شعــريـــة نثرية ورومانسية، مـنبثــقـة عـن صـدى الإيقـاع الــمــوسيقــي البـصــــري الخَطّي واللوني والضوئي ...
والتركيز على النص النقدي الشعري ، لا يشكل اغتراباً عن اللوحة التشكيلية، كما يعتقد البعض ، وانما يشكل مدخلا، ومنطلقا للبحث في الجوانب الفنية والتقنية والتعبيرية، بلغة ملطفة ومحببة وقريبة من مشاعر وأحاسيس الناس، من مختلف المستويات والشرائح والأعمار,,,

****كتبت المقال والشعر.. أين وجدت نفسك أكثر؟
قلائل الذين يعرفون أنني بدأت بكتابة الخواطر الشعرية النثرية ، منذ كنت تلميذا في بداية المرحلة الثانوية " هاي سكول " ولا أزال أحتفظ بتلك الأوراق الغالية على قلبي ، كونها تعيدني في كل مرة إلى ذكريات وهواجس وتطلعات تلك المرحلة، فالرجوع الى أوراقي القديمة هو رجوع الى الطفولة والفتوة، وهذا يشكل فسحة لإستشفاف أجواء الثقافة التي اكتسبتها في تلك المرحلة ، ومعرفة مدى تأثيراتهاعلى كتاباتي الحالية ، فلقد تركت محاولاتي الشعرية تأثيراتها الواضحة، فيما بعد ، على كتاباتي النقدية في الفن التشكيلي ، وشكلت جذور عملي ، في مجال الكتابة الصحافية ، لدرجة ان الفنان التشكيلي المعروف الراحل غازي الخالدي كتب مرة يقول عني : النص النقدي عند أديب مخزوم سرعان ما يتحول الى قصيدة شعر منثور ... 
كما أنني كتبت في إحدى الزوايا الثقافية الاسبوعية زاوية تحت عنوان : شعرية النص النقدي ، وضحت فيها العلاقة المتبادلة والمتداخلة في كتاباتي، بين النقد والشعر ، وهذا ما وضحته ايضا في إحدى فقرات بياني التشكيلي ،الذي نشرته في مقدمة كتابي النقدي والمرجعي والموسوعي ( تيارات الحداثة في التشكيل السوري ) الذي صدر في دمشق مطلع عام 2010.,,,
****المقال حالة اجتماعية ام الشعر حالة وجدانية,ماتعليقك؟
اعمل لآيجاد حالة تبادلية بين ماهو جمالي وما هو اجتماعي في مقالاتي ومقطوعاتي الشعرية معاً ، وملامح الحداثة ومظاهر التجديد في كتابة المقال النقدي التحليلي، يجب أن تخضع للتجريب والإختبارالدائم، في خطوات البحث عن تقنيات كتابية متقدمة، تتلاءم مع تحولات وتشابكات ثقافة فنون العصر، وذلك لأن انفتاح الكتابة النقدية على مختلف الفنون ، يعمل على توطيد وتعزيز وتطوير تعبيرية النص االنقدي التحليلي، فميدان الحداثة النقدية اتسع كثيراً في هذا العصر، بعد أن أمتزج الشعر بالموسيقى، والمسرح بالسينما ،والقصة بالقصيدة، والرسم بالنحت، والنقد بالجمل الشعرية .,,,

*****انجزت مئات من اللوحات الزيتية على القماش,كيف وجدت الاقبال؟
اعتاد المثقف السوري، على وصف بعض الأنماط الإبداعية بأنها جماهيرية ، وبالتالي اعتبربعضها الآخر، بأنها نخبوية وغير قادرة على جذب إلا عدد محدود وضئيل من الجمهور .
والفن التشكيلي يصنف من وجهة نظرهؤلاء، في قائمة الفنون الموجهة لنخبة النخبة، وكأن الحساسية البصرية والروحية للناس ،لا تتغير ولا تتبدل ،وتبقى منحطة ،وكما كانت منذ قرون . والذين يتابعون مواقع التواصل الاجتماعي " الفيس بوك" يكتشفون بسهولة مدى قصورهذه المواقف المسبقة، والمتوارثة من عصور الانحطاط والجهل والتخلف .
ومن خلال تجربتي ،وجدت أن اللوحة الفنية تحوز على عدد كبير من الاعجابات ، وبخلاف ماهو شائع ، عدد يفوق كثيراً ما تحوز عليه الأغنية ،المدرجة في واجهة صدارة الفنون الجماهيرية . وقد تكون هذه النتائج ،التي تشكل صدمة موجعة للآخرين ،ناتجة عن رغبة الأكثرية في اقحام انفسهم بعالم نخبوي افتراضي ، ولهذا يتجهون لوضع "لايكات" على الفنون النخبوية ،ومن ضمنها الفنون التشكيلية، كمظهر من مظاهر الترف الثقافي ،حتى لا تصيبهم تهمة الجهل والتخلف ، وإلا كيف نفسر حيازة لوحة تجريدية ،مشكلة بعدة ضربات لونية ، على اكثر من مئة "لايك " في أحيان كثيرة ، في وقت لا تحوز فيه أغنية لأحد رموز الفن الراقي و الأصيل ،على أقل من ربع هذا العدد .
من ناحية أخرى يكتشف المراقب تفاقم اعداد الطلاب في كليات ومعاهد ومراكزالفنون ، علاوة على كثرة اعداد الراغبين بانتاج اللوحة وعرضها ،بحيث اصبحت اعدادهم تفوق اعداد الذين يريدون دخول عالم الغناء والتمثيل وسواهما، علاوة على كثرة صالات العرض ، وارتفاع وتيرة المعارض الفنية ، حتى ان هناك احياء وازقة اصبحت تستقطب السياح والزوار وهواة الفن ، وبالرغم من كل ذلك ،لا تزال الشعارات الجاهزة ، هي سيدة الموقف، الشيء الذي يؤكد أن هؤلاء لايرون ابعد من أنوفهم ,,,
.
***شاركت بعدة معارض ما اهمها على الاطلاق؟
** اهم مشاركاتي كانت في معرض الخريف السنوي للفنانين السوريين المحترفين ، وخاصة في السنوات الأخيرة ، لاسيما وأن اللوحات التي عرضتها ( قياسات كبيرة 140×160 – اكريليك وزيتي على قماش ) اصبحت ضمن مقتنيات وزارة الثقافة ، وبالتالي اصبحت مهيأة لدخول متحف الغد للفن السوري الحديث المزمع افتتاحه في دمشق,,,,
.
***أثار بيانك التشكيلي الأول (مشروعية التشكيل المعاصر) الذي نشر على عدة حلقات، ردود فعل عنيفة ومتناقضة في الأوساط الفنية التشكيلية،لماذا كل هذه الردود العنيفة؟؟
** أثار بياني التشكيلي الأول،الذي نشرته في مطلع التسعينات من القرن الماضي تحت عنوان: مشروعية التشكيل المعاصر والبحث عن نقطة التقاء تثير الروح،ردود فعل متناقضة في الوسط التشكيلي، لأن بعض الفنانين والنقاد المنحازين نحو الاتجاهات الواقعية والانطباعية وسواهما، اعتبروه خطوة في اتجاه تثبيت دعائم الاعتراف الفعلي بالاتجاهات العبثية التي كانت صاعدية في تلك الفترة ، بحيث كان هناك صراعاً علنياً بين أنصار الاتجاهات التشخيصية وأنصار الاتجاهات التجريدية العبثية. وبالتالي فالبيان كان بمثابة تعبير صادق عن الصراعات الخفية والعلنية القائمة بين التيارات الفنية وخاصة بين الاتجاهات الفنية التي تقف على طرفي نقيض,,,
***اول قصيدة لك ماهي؟
قصائدي الشعرية النثرية التي كتبتها حين كنت على مقاعد المدرسة الاعدادية كانت اقرب الى الاتجاه الرومانطيقي الذاتي ، بدليل انني كنت أوقع خواطري الشعرية ، التي لا ازال احتفظ بها ( بشاعر الذات الكئيبة ) والواقع انني شهدت أو عرفت في حياتي سلسلة من الاحباطات الميلودرامية ، قبل ان احقق ذاتي في لوحاتي وكتاباتي الشعرية والنقدية,,,
..
***هل تم تكريمك داخل الوطن ,ام خارج الوطن؟
**كرمت في الداخل بحيازتي على شهادة شرف تقديرية ، في الفن والنقد، من نقابة الفنون الجميلة التي تحولت فيما بعد الى اتحاد الفنانين السوريين ، كما تلقيت براءات تقدير من جهات وتجمعات فنية في الداخل والخارج,,,
*****لقبك المفضل؟
اسمي فقط أديب مخزوم لأن الأسم اكبر من كل الصفات والألقاب ، ويكفي أن نلقي نظرة واحدة على الألقاب التي تسبق بعض الأسماء ، وخاصة التي تطل علينا على شاشة الفيس بوك ، حتى نشعر بمدى جهل أدعياء الفكر والأدب والشعر والفن والإعلام وشتى ميادين الإبداع ، وبمدى استسهالهم ولا مبالاتهم في طريقة تعاملهم مع الالقاب، فهؤلاء حين يطرقون أبواب الكلمة ، والكلمة الشعرية تحديداً ، أويضعون أقدامهم في أول خطوة على طريق رحلة الفن الطويل والشاق والصعب ، فإنهم سرعان مايقدمون أنفسهم للآخرين على انهم فنانون أو شعراء او إعلاميون ...
وليس المأزق في دخول هؤلاء مجال التجريب والإختبار، وانما المأزق يكمن في الألقاب التي يلصقونها باسمائهم ، فكم من مرة يطل عليناً اسم مغمور، مسبوق بعبارة الفنان أو الروائي أو القاص أو الشاعر أو الإعلامي ... حتى ان البعض لا يتورعون عن تقديم انفسم للآخرين على انهم باحثون أو علماء أو مخترعون أو نجوم عصرهم وزمانهم ، متجاهلون بذلك أن العظماء والعباقرة الأفذاذ، في كل العصور والأزمنة ،وفي كل المجالات، كانوا يضعون أسماءهم على أعمالهم ويكتفون بذلك . 
فاللقب مع هؤلاء الأدعياء والدخلاء والفاشلين ،أقل مايمكن أن يقال عنه أنه يشكل إدانة ، ويوصل الى نتائج عكسية تعبر عن جهل ونقص وضعف وخلل وعدم توازن في الشخصية ، ويؤدي في النهاية الى تقزيم صاحبه ،ولا سيما حين يصبح اللقب من وزن الفنان العالمي أو نجم النجوم أو الكاتب العظيم أو الشاعر الكوني ...
مع العلم ان أعمال هؤلاء، لا تلامس في أكثر الأحيان ،أدنى العناصر المكونة لمدى رحابة الإبداع، الذي يترك في القلب والوجدان فسحة إعجاب ودهشة ،ويطلق رؤى الجمال في الخيال ، ،ويفتح أمدية روحية رحبة ، في أجواء جديدة ومغايرة ، ويحقق انتقالاً نوعياً في المشاعر الإنسانية العميقة ، ويجعل المتلقي محاطاً برؤى وتصورات وتخيلات سحرية ، تعمل على إيقاظ ذكريات منسية ومشاعر دفينة ، وكل ذلك يتم بلحظات تاريخية أزلية ، ينتابنا خلالها تغييرات مفاجئة ، تتدفق فيها مشاعر الحنين والحب والشاعرية والفرح ، وكلما كانت شرارة الإبداع أكثر توهجاً ، كلما اذدادت تأثيراتها وأصبحت اكثر سحراً وعمقاً، وقدرة على البقاء والخلود والاستمرار والديمومة في ذاكرة الأجيال المتعاقبة,,,,
* هل يحتاج قلمك الى وقت معين كي يبدع؟
** في الواقع أنا اكتب في كل الأوقات ، ولا يوجد وقت اهدره في أمور عابرة وسطحية .. ونتج عن كتاباتي المستمرة والمتواصلة دون توقف او انقطاع منذ اكثر من ربع قرن ، كتابي الموسوعي والنقدي ( تيارات الحداثة في التشكيل السوري )، ومجموعة شعرية نثرية ، وخمسة كتب قيد الطبع ، وآلاف الدراسات والمقالات والحوارات والزوايا المنشورة في الدوريات والمجلات والصحف المحلية والعربية .
*كيف جسدت الوطن بقلمك؟
** أركز في كتاباتي النقدية التحليلية التي تتناول معطيات الفن التشكيلي المعاني الحضارية والجمالية التي تزيد من تعلقنا بالوطن ، وهذا ما اسعى اليه في لوحاتي وكتاباتي الشعرية ، وحين اركز على المرأة فانا أريد أن اقول : ان الوطن انثى والحرية انثى وكل الاشياء الجميلة تحتمل دلالات انثوية ، ولايمكن الحديث عن قضية تحرير الوطن ، دون الوصول الى حلول جذرية لمشاكل المرأة والحد من القوانين التي تعيق حريتها 
وحقها في الخروج والعمل .
وانا اعتبر لبنان وطني الثاني ومن خلال هذا الحوار اجدد الحب لبيروت الحضارة ولأهلها ، وخاصة للعاملين في المجال الثقافي والفني ، فبيروت هي لكل انسان متحضر وعصري في كل مكان وزمان ،لأنها مدينة الأحلام والتخيلات والمناخ الخصب لكل مبدع ، وبيروت هي التي وفرت لي الارضية الثقافية لانتج منذ اكثر من ربع قرن ، ومنها كانت انطلاقتي الفعلية عبر صحيفة السفير ،رغم اقامتي في دمشق 
وستبقى بيروت محفورة في ذاكرة الثقافة والإعلام الى الابد .. وشكر خاص لك فراشة الاعلام هيام عبيد على هذا الحوار الذي اضاء جوانب تكاد تكون مجهوله في مشواري الطويل مع الفن والنقد والنثر ,,
*** وضع العالم العربي اليوم ينذر بعواقب وخيمة, كيف ينظر الفنان والناقد التشكيلي والكاتب الصحفي اديب مخزوم الى هذا الوضع ؟
المشاكل المتفاقمة أوصلتنا إلى مساحة كبيرة من اللامبالاة, التي اتسعت إلى درجة لم تعد تسمح بإيجاد أي تنظيم أو تصحيح أو محاولة غربلة على المدى القريب وحتى ربما على المدى البعيد، وإذا كنا نعلم جميعاً بحجم الكارثة,التي وصلت إليها ثقافتنا وفنونها المحلية, هذه الكارثة التي يستوي فيها العارف مع الجاهل, والمبدع مع الهاوي ،والدجال مع المحافظ على الأمانة الكتابية الصادقة, والتي جاءت كصدى أو كردة فعل حتمية للأزمة العامة التي نعيشها في كل لحظة ، فلماذا لا نعمل على استعادة أقلام الكتاب المتميزين الذين غادرونا إلى الخارج, بعد أن هبطت عزيمتهم ووصلت إلى حدود الصفر, لعدم التشجيع محلياً, ولماذا تستمر فوضى المصالح والمجاملات والوساطات التي هي من أهم نقاط الضعف في صحافتنا المحلية. وما اردت الوصول اليه يتلخص في ان سورية في زمن ازمتها الثقافية, لا تحتاج الى اكثر من مبدع واحد يمتلك القدرة الحقيقية, على احداث الاثر المزلزل على الصعيد المحلي والعربي والعالمي,,
****المرأة هي أوكسجين الحياة,,,ماذا كتبت للمرأة؟
** المرأةُ هي أنشودةُ حريةِ للرسامين والنحاتين 
والشعراء والموسيقيين والكتاب وكل المبدعين... هي رمزُ الحب والفتنة والنعومة ... هي نشيدٌ داخليٌ مشحونُ بالشاعرية وهي المتوجةٌ دائماً على مفاتن الخيال
والجمالِ المطلق القادمِ من أطرافِ المخيلةِوآفاقِ السحر,,
***هل حققت المرأة كل ماتريد برأيك؟ ام مازال ينقصها بعد؟
يكاد الإبداع التشكيلي العالمي يقتصر على الرجال، رغم بروز بعض الحالات الاستثنائية والنادرة، فبين كل فناني مدرسة التشكيل الانطباعي، التي أطلقت أولى شرارات الحداثة الفنية في العالم أجمع، على سبيل المثال، تبرز فقط «ماري كاسات» و«برتا موريزو» وهذا ينسحب على كل المدارس الفنية المتعاقبة، التي شهدتها عواصم ومدن الفن الكبرى منذ مطلع القرن العشرين.
إلا أن المرأة السورية، رغم بروز هذه الظاهرة العالمية، استطاعت ومنذ اكثر من نصف قرن، أن تقدم صورة مشرقة عن المرأة العربية، حين دخلت جميع مجالات الحياة والابداع ، ومن ضمنها مجال انتاج اللوحة الفنية وعرضها، وبالتالي اثمرت تجاربها، المزيد من التفاعل الثقافي بين الابداع الانثوي والفن التشكيلي.
حيث برزت إقبال قارصلي وليلى نصير واسماء فيومي ولجينة الاصيل وضحى قدسي وهالة مهايني وسوسن جلال وسارة شمة وريم يسوف وليلى طه ورولى قوتلي وبتول الماوردي وسراب الصفدي وثنا المصري وغيرهن.. وهناك مساحة شاسعة بين ما نلمسه في الواقع، من صور ايجابية ومشرقة عن ابداع المرأة، وبين ما نشاهده من صور مزيفة، تتعارض إلى حد بعيد، مع معاناة المرأة، في إيجاد عمل فني يحقق لها ذاتها وسعادتها واستقلاليتها الحقيقية، ولقد اعترفت اكثر من فنانة تشكيلية في حواراتي معهن، ان الرجل شكل مصدر اعاقة لعملهن في مجال الفن، وادت بعض هذه المظاهرالسلبية، الى منغصات وفشل وانفصال في الحياة الزوجية.
كما ان المرأة العربية تظهر في القنوات الفضائية بصورة جذابة, وهذه الصورة المثالية، سرعان ماتنقلب رأساً على عقب، بمجرد الغوص في جوهر القضايا التي تعاني منها، في خطوات تأكيد حضورها الشخصي في مجالات الابداع الفني والادبي، لاسيما وان بعض النقاد والكتاب عندنا، وكما أثبتت بعض الآراء والندوات والمحاضرات، لايعترفون بطاقات المرأة الابداعية، وهم يقولون، في احيان كثيرة، بأنها لا تزال في لوحاتها وكتاباتها تابعة للرجل، ولهذا تثير تلك المعتقدات المتحجرة، العديد من التساؤلات، ويمكن اعتبارها بمثابة أجواء ذابلة يجب إخضاعها لمظاهرالتغيير والتجاوز، في خطوات البحث عن منفذ جديد لفن وأدب وإبداع المرأة,,
***لو طلب منك في احدى المعارض ان ترسم لوحة وتضع عليها عنوان,,,ماذا
سيكون العنوان ؟ ولماذا؟

** سيكون العنوان في هذه المرحلة المريرة من تاريخ سورية والعالم : 
( أوقفوا الحرب ) لأن الثقافة تعمر والحرب تدمر .. والذين لهم مصلحة في استمرارية العنف والفوضى والتوتر هم تجار الدين والوطن ، لان المواطنة والتدين تكون بالممارسة والعمل المتواصل ، وليس بالكلام والادعاء وايذاء الآخرين .
*الحب لغة المشاعر,وربيع العمر فلسفتك للحب؟ مفهومك للحرية؟ 
ثمة علاقة مستمرة ومتواصلة ولا تنقطع بين الحب والحرية .. فالمحبة تحتاج لمساحة من الحرية حتى تستمر وتتواصل ، وهذا ينطبق على الحب بمعناه الشمولي الرحب ، ولا يقتصر على لغة المشاعر المتبادلة بين الرجل للمرأة,
***اين تجد نفسك اكثر في الفن ام في الشعر؟
بداياتي كانت مع الرسم والشعر ،ثم جاء النقد بشكل تلقائي وحتمي في مراحل لاحقة ، ولهذا فعشقي لهما في جنوح دائم ، وان كانت اللوحة اخذت من سنوات عمري المدى الاطول والأرحب....
***هل كتبت مقال وتعرضت لهجوم ما، واذا تعرضت كيف كانت ردة فعلك؟
أريد ممن ينتقدني ان يكون أكبر مني ويمتلك القدرة على احداث عناصر الدهشة والاقناع في نقده، ألا ان النقد غالباً مايكون عامأ ، ولا يميز بين مبدع وهاوي ، وهذا ينطبق على كل فروع النقد . والمفارقة الصارخة أن البعض يطلقون الأحكام التعسفية على ماينشر في صحافتنا المحلية دون تمييز ، مع العلم ان معظم الذين يكتبون الأن في أبرز الصحف والمجلات والدوريات العربية ( مثل السفير والحياة والنهار وغيرها ) كانوا يكتبون في الصحف المحلية السورية ,,,,
..
***هل الانترنت لعب دورا في حياتك؟
لاشك له اهميته وسحره الخاص ودوره ضروري واساسي في حياتنا المعاصرة .. ورغم سلبيات الفيس بوك القاتلة ، وخاصة وانه يسرق الوقت الثمين من المبدعين في المجالات كافة ، الذين لايتحملون ان تغيب شاشته عن اعينهم ولا لحظة واحدة ، الا ان له ايجابياته ، ونحن نحاول الاستفادة من هذه الايجابيات ، ونحاول الابتعاد عن المنغصات ،وعلى سبيل المثال أنا تعرفت على أشهر الإعلاميات اللبنانيات من خلاله ، ولمست نبل تواضعهن ورغبتهن في المحافظة على الصداقة ، على امل ان التقي معهن في المستقبل بحوارات ثقافية ، ومن خلال الفيس بوك عرفت قيمة لوحاتي اكثر من السابق حين وحدت لايكات الاعجاب عيها من كبار الفنانين التشكيليين,,,
****برايك هل توجد صداقة حقيقة اليوم؟
وسائل الحياة العصرية تعمل على تقليص العلاقات الانسانية وتقويض مشاعر الصداقة الحقيقية ، واستبدالها بصداقات وهمية وافتراضية وتخيلية ، الا ان المشاعر الانسانية النبيلة والصادقة مستمرة منذ الأزل ، ولا يمكن ان تخضع لأحكام أوراق الخريف المتساقطة فوق يباس الزهور والأعشاب الظمأى,,,,
***بلد تتمنى ان تزوره؟
** أتمنى زيارة مدينة النور والفن والسحر والجمال باريس في جولة فنية اطلاعية وسياحية (باريس العاصمة التي تدمج الغرب بالشرق، والحاضنة في متاحفها أروع النتاج الإبداعي الحديث ،والمتطلعة نحو قدوم ثورة تشكيلية جديدة، باريس عاصمة عواصم الحداثة التشكية في هذا العصر، باريس الحلم الفني) كل ذلك يثيراهتمامي بالقدوم إليها للإطلاع على متاحفها وصالاتها واماكنها السياحية والثقافية,.,
.
***هل تعتمد في الكتابة على الخيال ام الواقع؟
لا بد من الاعتماد على معطيات الخيال في كل عمل ابداعي ، وذلك لتجاوز المعطيات والمكتسبات الواقعية والتقليدية والاكاديمية,,
.
***ختاما وليس هناك ختام بل ساقول لك هناك لقاء دوما معك كلمة وفى لمن تقولها بالنهاية؟ ولمن تقل لن أنساك .. او أنساكي .. مثل ماتريد؟
** الشكراولاً لك يا فراشة الاعلام هيام عبيد بعد ان جمعتنا مشاعر الانتماء الى الثقافة الجادة ، عبرهذا الحوار الثقافي ، الذي اثار قضايا اشكالية هامة، وادى الى طرح الافكار الجمالية التي وهبت لها أهم سنوات عمري .. ولن أنسى من لمست منهم مشاعرالتقدير والاحترام والاعجاب لما انجزته من كتابات ولوحات .. وبوجودكم استمر واتواصل واكبر واجني يوماً بعد آخر ،ثمرات وخلاصة بحثي وعملي الطويل في الفن والنقد والكتابة في المجالات الثقافية كافة..
في النهاية اسمح لي أن اعبر لك عن امتناني وشكري العميق عن هذا الحوار الذي ارتقيت به الى العلا مع تمنياتي أن تبقى رائد العلم ومرشد الكلمة ودليل للحرف شكرا لك على أمل اللقاء بك في حوارات اخرى,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

0 التعليقات :

إرسال تعليق